من الحياة الزوجية في بيت النبوة
سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مليئة بالمواقف الرائعة والطريفة بينه صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه رضي الله عنهن!.. ولو تأملناها لوجدنا فيها الحكمة والفائدة، وهنا باقة من أجمل مواقف الحياة الزوجية في بيت النبوة..
العناية بالمشاعر
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية، وإذا كنت عليَّ غضبى)، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: صلى الله عليه وسلم: (أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلتِ: لا ورب إبراهيم) رواه البخاري ومسلم.
وا رأساه..
روى البخاري في صحيحة عن القاسم بن محمد قال: قالت عائشة: وا رأساه!.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك).. فقالت عائشة: واثكلياه!.. والله إني لأظنك تحب موتي ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرَّساً ببعض أزواجك!.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أنا وا رأساه..) الحديث.
في السلم والحرب!
أخرج الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: جاء أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع عائشة رضي الله عنها وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن له ودخل فقال: يا ابنة أم رومان! وتناولها، أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها، قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها: (ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك؟) قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها، قال: فأذن له، فدخل فقال له أبو بكر: يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما.
الغيرة المفرطة
وأخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث، فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر، فقالت: بلى فركبت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلت – من فرط غيرتها – رجليها بين الإذخر (وهو شجر) وتقول: رب سلط عليّ عقرباً أو حية تلدغني!.. رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئاً!.. (أخذت بها الغيرة كل مأخذ وهي تنظر إليه يتحدث إلى حفصة) رضي الله عنهن أجمعين.
اليوم يومي!
عن أنس رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها فكان في بيت عائشة فجاءت زينب فمدّ يده إليها فقالت عائشة: هذه زينب!.. فكفّ النبي صلى الله عليه وسلم يده، فتقاولتا حتى استخبتا (أي تكلمتا كلاماً قوياً)!.. وأقيمت الصلاة فمرّ أبو بكر على ذلك فسمع أصواتهما فقال اخرج يا رسول الله إلى الصلاة واحثُ في أفواههن التراب، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة: الآن يقضي النبي صلى الله عليه وسلم صلاته فيجيء أبو بكر فيفعل بي ويفعل، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أتاها أبو بكر فقال لها قولا شديدا وقال: أتصنعين هذا؟، رواه مسلم.
في هواك
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله عز وجل: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ) قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك صلى الله عليه وسلم! (أي: يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور) رواه البخاري.
الوفاء والذكرى الطيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذنت هالة بنت خويلد، أخت خديجة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة (شبه صوتها فتذكر خديجة) فارتاح لذلك (هشّ لمجيئها وهذا من وفائه وحسن عهده لخديجة) فقال: اللهم! هالة بنت خويلد، فغرت فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، فأبدلك الله خيرا منها!.. فقال صلى الله عليه وسلم: (والله لقد أبدلني الله خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس