الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..وبعد: هجر كلام اللهقال - تعالى -: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (الفرقان: 30). عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ - صلىالله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ فَإِذَا فِيهِ قَوْمٌ يَقْرَءُونَالْقُرْآنَ قَالَ: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَابْتَغُوا بِهِ اللَّهَ - عزوجل - مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُقِيمُونَهُ إِقَامَةَ الْقِدْحِيَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ) رواه أحمد. قال - تعالى -: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِوَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْوَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَاخَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آلعمران: 190-191).قال الحسن بن عبد العزيز الجروي شيخ البخاري: (من لم يردعه القرآن والموت فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع) (1).عن الضحاك بن مزاحم قال: (ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب،ثم قرأ: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْوَيَعْفُو عَنْ كَثِير) قال الضحاك: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن). قرأ مالك بن دينار هذه الآية: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا القُرْآنَعَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ)(2)، فبكى وقال: (أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا صدع قلبه) (3).قال مالك بن دينار: (يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟فإن القرآن ربيع المؤمنين كما أن الغيث ربيع الأرض، فقد ينزل الغيث منالسماء فيصيب الحش فيه الحبة ولا يمنعه نتن موضعها أن تهتز وتخضر وتحسن،فيا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ أين أصحاب سورة؟ أين (أصحاب)سورتين؟ ماذا عملتم فيها؟) (4).عن بشير قال: (بت عند الربيع ذات ليلة، فقام يصلي فمر بهذهالآية: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْنَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءًمَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) قال: فمكث ليلته حتىأصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد) (5).عن الربيع بن خثيم: (لا خير في الكلام إلا في تسع التسبيحوالتحميد والتهليل والتكبير وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر وسؤالك الخير وتعوذك من الشر) (6).مسيح بن سعيد قال: كان محمد بن إسماعيل البخاري إذا كان أول ليلةمن شهر رمضان: يجمع إليه أصحابه، فيصلي بهم، ويقرأ في كل ركعة عشرين آية،وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث منالقرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمةويكون ختمه عند الإفطار كل ليلة يقول: عند كل ختمة دعوة مستجابة (7).وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يقرأ القرآن في كل أسبوع ختمتين، إحداهما بالليل، والأخرى بالنهار. قال أبو عمر - رحمه الله -: كيف يؤتمن على سر أو يوثق به في أمر، من دفع القرآن وكذب النبي - عليه السلام -.عن عبد الله بن مسعود قال: (ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليلهإذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس يفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون،وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناسيختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً، محزوناً، حليماً، سكتيتاً،ليناً، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافياً، ولا غافلاً، ولا سخاباً،ولا صياحاً، ولا حديداً). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين