بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى(إعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة) وقوله تعالى (وفي الآخرة عذاب شديد)أنت مخلوق ، فما الذي يعطيك هذا التفاخر والتكاثر,أفلا نعتبر بمصير الأغنياء, الذين حققوا عند الناس طموحاتهم، فإذا بهم ينقلون من قصورهم إلى قبورهم تأكل أبدانهم الديدان قبل ان تصبح رميماً ثم ترابا تذروه الرياح,أما المؤمن بالآخرة فإن نفسه قانعة بما لديها، راضية بما آتاها الله،وعلى أساس الايمان بأن الآخرة هي دار الجزاء والخلود ,فأما عذاب شديد، أو مغفرة ورضوان من الله، حسب ما يقدم الإنسان في الدنيا ليوم الحساب ,فإنه سيعرف أهمية الحياة الدنيا، ودورها الحاسم في مستقبله الابدي, وحينها لن يدع الهزال والمزاح واللعب يأخذ من وقته شيئاً، لان الغاية عظيمة، والخطر كبير، والفرصة قصيرة، بل سوف يخشع قلبه لذكر الله خوفاً من عذابه، وطمعاً في مغفرته ورضوانه,وأعظم هدف يسعى إليه هو الخلاص من النار، لأن صراط الجنة يمر من فوقها, أو ليس طريق الجنة محفوفاً بالمكاره التي ينبغي للإنسان تحملها والصبر عليها، وبالشهوات التي ينبغي ان يتحداها ويجتنبها, فإن لم يتحمل ولم يصبر، فسوف يقع في الجحيم وقوداً لنيرانها ويعذب فيها بقدر عمله,وهذه الغاية من أعظم طموحات المتقين قال تعالى (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز)والهدف الآخر هو الدخول إلى الجنة، وذلك لايمكن من دون مغفرة الله ورضوانه ,إذ لايدخل أحد الجنة بعمله, بل بفضل الله ,حتى الأنبياء، وذلك لايتحقق الا بالإنابة إلى الله والاعتراف له بالتقصير، والسعي الدائب للإصلاح
فمهما وجدت إنحرافاّ أو خطأ في حياة الإنسان فرداً وجماعة,فإنك تجده متصلاً بحب الدنيا، والإغترار بها,لابد من ترك اللعب واللهو إلى الجد والاجتهاد، وترك الزينة إلى ما ينفع، والتفاخر والتكاثر في الأموال والأولاد إلى التسابق في الخيرات والصالحات,قال تعالى(سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)في هذه الآية يأتي الأمر الإلهي بالتسابق الذي يستهدف المغفرة والرضوان، وهو أعلى مراحل السعي, في مقابل التكاثر في الأموال والأولاد، الذي يستهدف جمع أكبر قدر من حطام الدنيا، وحيث يعيش المؤمنون في الدنيا، ويسابقون إلى فضل الله، فلابد ان يستوعبوا طبيعتها المتغيرة لكي لاتترك آثارها السلبية عليهم؛ ففيها الغنى والفقر، والشفاء والمرض، والقوة والضعف، والنصر والهزيمة، والزيادة والنقص, ولابد ان يستقيموا على كل حال,فالذي يتغير مع الظروف والمتغيرات، لايصل إلى أهدافه وطموحاته، لأنه تضله النعمة بطراّ، والمصيبة يأساً،والرغبة في فضل الله، مما يزهد الإنسان فيها، فلا يفرح حين تقبل عليه، ولايحزن حين تدبر عنه، لأنها ليست بذات شأن عظيم عنده,الرضى والتسليم بالقضاء الذي يأذن به الله فيقع، وهو أرفع درجة من الزهد، بل أرفع درجات الايمان,ولايسمو الإنسان إليه إلا إذا آمن بأن كل ما يحدث في الوجود بتقدير مسبق من رب العالمين, فذلك بدل ان يؤثر فيه سلباً باتجاه الإنحراف يؤكد فيه الانتماء إلى مسيرة الحق، والتوحيد المخلص لله بدل الشرك,
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا الى النار مصيرنا واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.