لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ
قال الله عز وجل :﴿
فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ *
وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ *
وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ *
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * فَمَا
لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا
قُرِىءَ عَلَيْهِمُ القرآن لاَ يَسْجُدُونَ ﴾(الانشقاق:16-
21) .
أولاً- هذه الآيات وردت في بداية
المقطع الثالث والرابع من سورة الانشقاق , وفيها يعرض الحق جل وعلا بعض الظواهر
الكونية الحاضرة ، مما يقع تحت حس الإنسان ، مع التلويح بالقسم بها ، تشريفًا لها وتعريضًا للاعتبار بها ، على أن الناس متقلبون في أحوال مقدرة مدبرة , لا مفر
لهم من ركوبها ومعاناة أهوالها وشدائدها . فاليد التي تمسك بأقدار هذا الكون ،
وترسم خطواته ، وتبدل أحواله ، قادرة أن تبدل أحوال الناس الذين يعيشون في هذا
الكون ، وتنقلهم من حياة إلى موت ، ومن بعث إلى حساب ، فما لهؤلاء القوم لا يؤمنون
بصحة البعث والقيامة ، وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون بعد أن وضحت لهم الدلائل
؟
وأول ما ينبغي التنبيه إليه هو
أن قوله تعالى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ ﴾ تلويح بالقسم ، خلافًا لما أجمع عليه علماء النحو والتفسير من أنه قسم
صريح ، و( لا
) فيه ليست بزائدة
، أو لنفي ما قبلها ، أو لنفي القسم ؛ وإنما هي لنفي الحاجة إلى القسم . والفرق
بين القسم ، والتلويح به : أن القسم لا يكون إلا على الأشياء التي تكون موضع شك
عند المخاطب . أما التلويح بالقسم فيكون على الأشياء اليقينية الثابتة التي لا
يتطرق إليها الشك أبدًا . وبيان ذلك وتفصيل القول فيه
موجود في المقال الآتي :( لا أقسم : أقسم هو ، أم
غير قسم ؟ )
.